LEAP 24 | هل تصبح السعودية مركزًا عالميًا للتقنية؟
انطلق المؤتمر التقني الدولي LEAP 24 بدورته الثالثة في الرياض من يوم 4 مارس حتى يوم 7 مارس 2024. وهو أحد أهم الأحداث التقنية التي تتبناها المملكة العربية السعودية بهدف جذب الانتباه العالمي للمملكة، وذلك بعد الثورة التقنية التي شهدتها السعودية في الآونة الأخيرة ضمن رؤية السعودية 2030 التي ترتكز بشكل أساسي على فتح العديد من المجالات الاقتصادية المتنوعة غير النفطية. وبالطبع، يُعد المجال التقني أبرز هذه المجالات.
قد يهمُّك أيضًا:
- كل شئ عن خدمة نزاهة وكيفية الإبلاغ عن فساد؟
- NVIDIA في قمة الحكومات: البنية التحتية الذكاء الاصطناعي مهمة للدول!
«إن مؤتمر LEAP 24 هو نواة دعم وتمكين وتوجيه الحكومة، الذي جعل
المملكة محط الأنظار، ومركزا محوريا في التقنية والابتكار والاستثمار للمنطقة بلا منازع» – فيصل الخميسي (رئيس مجلس إدارة الاتحاد السعودي للأمن السيبراني والبرمجة والدرونز).
LEAP 24 – نهضة تقنية شاملة بالمملكة
بدأ هذا المؤتمر حاملًا شعار «آفاق جديدة»، إذ يُنبئ LEAP 24 بتقديم فرص غير مسبوقة لصغار المستثمرين وأصحاب الشركات الناشئة. وفي اليوم الأول من المؤتمر، تجاوزت حصيلة الاسثمارات التي ضُخت في المملكة 12 مليار دولار تقريبًا. وتضمنت هذه الاستثمارات شراكات مع كبرى الشركات التقنية مثل DELL، وAmazon، وIBM، وغيرها.
السعودية تُبحر نحو مستقبلٍ مشرقٍ، وتُقدم نموذجًا يُحتذى به للدول النامية التي تسعى نحو التقدم.
خلال فعاليات المؤتمر، كشف وزير الاتصالات السعودي، المهندس عبدالله السواحة، أن حجم الاقتصاد الرقمي في المملكة ارتفع من 298 مليار إلى 460 مليار ريال منذ إطلاق رؤية السعودية 2030. وأضاف السواحة أن السوق التقنية في السعودية ازدهرت بشكل قوي بمعدل نمو يصل إلى 9% خلال عام واحد بين نهاية 2022 ونهاية 2023. وأدت هذه النهضة التقنية إلى بناء العديد من الكوادر الوطنية في مجال التقنية، كما خلقت أكثر من 154 ألف فرصة عمل إضافية خلال سبع سنوات من إطلاق رؤية السعودية 2030.
LEAP 24 – الرياضات الإلكترونية (ESPORTS)
تُعد الرياضة الإلكترونية ESPORT ضمن أهم المجالات التي تتبناها المملكة في نهضتها التقنية هذه الأيام. وكان هذا المجال أبرز المجالات التقنية التي حصلت على استثمارات ضخمة خلال فعاليات المؤتمر، إذ أسست المملكة صندوقين للاستثمار في الألعاب والرياضات الإلكترونية؛ أحدهما بقيمة 40 مليون دولار بإدارة من شركة الاستثمار السعودية «إيمباكت 46»، والآخر بقيمة 80 مليون دولار بإدارة من شركة «ميراك كابيتال» السعودية.
طالع أيضًا: لعبة Mobile Legends تشارك في كأس العالم للرياضات الإلكترونية
ويتضح لنا من المبالغ الضخمة التي ضختها المملكة في قطاع الرياضات الإلكترونية أنها عازمة على اكتساح هذه المنافسة؛ في المنطقة العربية على الأقل. وتسعى المملكة عمومًا إلى خلق بيئة داعمة لنمو هذا المجال على أرضها؛ حتى تتمكن من تنمية الكوادر البشرية، وتعزيز البنية التحتية اللازمة لدعم هذا المجال. وتُعد هذه الخطوة من المملكة استراتيجيةً ذكيةً للغاية، تُعكس إدراكها لِأهمية هذا المجال وفُرصه الواعدة. فهي تُراهن على ازدهاره في المستقبل؛ مُكثفةً جهودها لتضمن مكانها في صدارة الرياضات الإلكترونية عالميًا.
LEAP 24 – تشجيع الصناعة والابتكار
كان دعم الشركات التقنية، خاصةً الشركات الناشئة، أهم المحاور التي تناولها مؤتمر LEAP 24. وتسعى المملكة أن تضع مجال التقنية ضمن أهم المجالات الاقتصادية غير النفطية مع تحقيق رؤية السعودية 2030. وقد نجحت المملكة بالفعل في جذب استثمارات تُقدر بمليارات الدولارت خلال فعاليات هذا المؤتمر، والتي ستُضخ أغلبها في الشركات السعودية الناشئة بمجال التقنية.
وخلال فعاليات LEAP 24، كشفت شركة أرامكو السعودية عن شراكة ضخمة مع هيئة تنمية البحث والتطوير والابتكار، ومدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية، وبرنامج تطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية، ووزارة الاتصالات وتقنية المعلومات. وتتضمن هذه الشراكة إطلاق المختبر السعودي للابتكار الرقمي المتسارع، الذي يهدف إلى دعم البحث وعمليات تطوير وبناء المشروعات الرقمية الناشئة، ما يُعزز من المشاريع الوطنية في مجال التقنية ويساهم في تحفيز الكوادر على الابتكار.
LEAP 24 – «آلات» وصناعة أشباه الموصلات
خلال فعاليات LEAP 24، وقَّعت شركة آلات شراكةً مع مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتكنولوجيا (كاكست). وهي اتفاقية لدعم منظومة تطوير وصناعة أشباه الموصلات التي تتبناها شركة آلات السعودية، إذ تسعى المملكة أن تصبح مركزًا عالميًا لهذه الصناعة المُعقدة، والتي تدور حولها العديد من الصراعات السياسية، مثل التي بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين.
وعلى هامش LEAP 24، صرح الرئيس التنفيذي لشركة آلات، أميت ميدا، أن هذه الشراكة من شأنها أن تساعد الشركة على تحقيق المستهدف بتطوير أول رقاقة على دقة تصنيع 28 نانومتر أو أقل. وأضاف أن الشركة تبحث أيضًا في إمكانية تطوير الرقاقات المتقدمة عالية الأداء، والتي تعتمد على دقة تصنيع تصل إلى 5 نانومتر أو أقل. ومع ذلك، ستكون التكلفة العالية هي العائق الوحيد أمام صناعة هذه الرقاقات، والتي تصل تكلفة صناعتها إلى عشرة أضعاف تكلفة صناعة الرقاقات الأخرى.
تسعى آلات إلى التعاون مع المزيد من الشركات الكبرى حتى تحصل على استثمارات مالية تُمكنها من ريادة هذه الصناعة المُكلفة.
نرى أن شركة «آلات» أهم الشركات التقنية الواعدة في المنطقة العربية حاليًا؛ فهي تسعى إلى تنفيذ العديد من الأهداف الطموحة التي قد تصل إلى صناعة أول هاتف ذكي مُطور بالكامل على أرض سعودية. وعمومًا، تمكنت المملكة، عبر شركة «آلات»، من وضع قدمها على واحدة من أهم وأعقد الصناعات التنافسية حول العالم؛ صناعة أشباه الموصلات.
طالع أيضًا: إتفاقية CHIPS ... ناقوس خطر جديد لصناعة أشباه الموصلات ... ما القصة؟
LEAP 24 – الذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية
دخلت أمازون على الساحة في اليوم الأول من انعقاد المؤتمر؛ معلنةً عن ضخ 5.3 مليار دولار في السعودية عبر منصتها للحوسبة السحابية؛ Amazon Web Services (AWS)، وذلك لإنشاء مراكز بيانات ومنطقة سحابية فائقة السعة بالمملكة، والتي ستخدم المنطقة العربية بأكملها. ولهذا، تبدأ السعودية أولى خطواتها الفعلية في ريادة مجال التقنية والبرمجيات داخل المنطقة العربية.
استثمرت شركة ServiceNow أيضًا 500 مليون دولار لإطلاق أول مركز بيانات خاص بالشركة في المنطقة العربية. وقررت الشركة أن تُنشئ مقر المركز في السعودية، وسيعمل أيضًا على تدريب الكوادر والمواهب السعودية في مجال البرمجيات وعلوم البيانات المختلفة. وكشفت شركة DataVolt السعودية عن خطتها لاستثمار 5 مليار دولار لبناء مراكز بيانات مُبتكرة ومستدامة بقدرة تزيد عن 300 ميجا وات.
شهد المؤتمر استثمارات تتخطى 10 مليار دولار لإنشاء مراكز بيانات على أرض المملكة.
وفي نفس اليوم، أعلنت شركة IBM ضخ استثمار بقيمة 250 مليون دولار بالمملكة لإنشاء مركز عالمي جديد لتطوير البرمجيات على أرض الرياض. وكشفت IBM أن هذا المركز سيهتم بتطوير مجالات البيانات والذكاء الاصطناعي؛ مؤكدةً على دعمها الكامل لمساعدة المملكة على تحقيق رؤيتة السعودية 2030.
طالع أيضًا: تحالف الذكاء الاصطناعي .. إلى ماذا تُخطط ميتا و IBM؟
وخلال فعاليات LEAP 24، استثمرت شركة ServiceNow أيضًا 500 مليون دولار لإطلاق أول مركز بيانات خاص بالشركة في المنطقة العربية. وقررت الشركة أن تُنشئ مقر المركز في السعودية، وسيعمل أيضًا على تدريب الكوادر والمواهب السعودية في مجال البرمجيات وعلوم البيانات المختلفة.
وعلى ذكر الذكاء الاصطناعي، أعلنت شركة أرامكو السعودية، خلال فعاليات LEAP 24، عن إطلاق نموذج ذكاء اصطناعي توليدي مُوجه للاستخدام في القطاع الصناعي (Aramco Metabrain)، وهو النموذج الأول من نوعه على مستوى العالم. وسيعمل هذا النموذج على تحليل أداء المعدات الصناعية حتى يتمكن من التنبؤ بحاجتها إلى إجراء بعض عمليات الصيانة الاستباقية، وذلك لتجنب وقوع أي أعطال كبرى أو مفاجئة في المستقبل، ما يُعزز في النهاية من سير العملية الصناعية على أعلى درجات الكفاءة.
وأخيرًا، أعلنت شركة Dell افتتاح مركز عالمي للتصنيع والتوزيع على أرض المملكة العربية السعودية، وذلك بهدف تعزيز عمليات توزيع المنتجات في السوق السعودي، وفي الأسواق العربية عمومًا. وهو المركز الأول من نوعه في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وتركيا.
تُعد المملكة العربية السعودية ضمن أعلى الدول المُنفقة على الاستثمارات التقنية حول العالم، إذ تسعى المملكة إلى تركيز إمكاناتها الهائلة في مجالات التقنية المختلفة؛ حتى تتمكن تعزيز حضورها بين الدول الرائدة في هذا المجال. وكما يتضح لنا في هذا المقال؛ فإن المملكة تسير بخطوات ثابتة نحو تحقيق أهدافها، والتي ستضعها بين الدول الرائدة بمجال التقنية في المستقبل القريب.
?xml>